اخبار

اخبار الرياضة

متفرقات

هل تعرف من هم الخمس الذي أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم قتلهم في الحل والحرام ؟

<>
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ , يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ : الْغُرَابُ , وَالْحِدَأَةُ , وَالْعَقْرَبُ , وَالْفَأْرَةُ , وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ .

وَلِمُسْلِمٍ : بِقَتْل خَمْس فَوَاسِق فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ . 

فيه مسائل :

1= لَمّا ذَكَر حُرمة مكة ، وانه لا يُسفك فيها دَم ، ولا يُقطع فيها شجر ، ولا يُنفّر صيد الْحَرَم ، عَقَد هذا الباب ، وهو باب ما يجوز قَتْله ، وهو مُستثنى مما تقدّم من التحريم ، سواء كان ذلك في الْحَرَم ، أو كان في حقّ الْمُحْرِم . 

2= في رواية للبخاري : خمس فواسق يُقتلن في الحرم : الفأرة والعقرب والْحُدَيّا والغراب والكلب العقور . 
وفي رواية له : خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ مَنْ قَتَلَهُنَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ ... 
وفي رواية لمسلم : خمس فواسق يُقتلن في الحلّ والحرم : الحية والغراب الأبقع والفارة والكلب العقور والحديا 
وفي رواية له من طريق الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قال : سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُول : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَرْبَعٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ . 
قَالَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مِقْسَمٍ : فَقُلْتُ لِلْقَاسِمِ : أَفَرَأَيْتَ الْحَيَّةَ ؟ قَالَ : تُقْتَلُ بِصُغْرٍ لَهَا . 
للبخاري : 

3= الرواية التي ذَكَرها المصنف مُركبة من روايتين عند مسلم : 
الأولى : من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري بهذا الإسناد قالت : أمَر رسول الله صلى الله عليه وسلم بِقَتْل خمس فواسق في الْحِلّ والْحَرَم . 
والثانية : من طريق يونس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس من الدواب كلها فواسق تُقتل في الْحَرَم : الغراب والحدأة والكلب العقور والعقرب والفارة . 

4= قوله : " خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ " 
لا يقتضي الحصر في هذه الخمس ، ففي صحيح مسلم من طريق زيد بن جبير قال : سأل رجلٌ ابنَ عمر ما يَقْتُل الرجل من الدّواب وهو مُحْرِم ؟ قال : حدّثتني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمُر بِقَتْل الكَلْب العَقُور والفَأرَة والعَقْرَب والْحُدَيّا والغُرَاب والْحَيَّة . قال : وفي الصلاة أيضا . فَذَكَر سِتّا . إلاّ أن يُقال : الحية في معنى العقرب لِجَامع السُّمِّـيَّة بينهما . 

5= ألْحَق بها العلماء ما اشترك معها في العِلّة ؛ لأن الْحُكم يدور مع عِلّته وُجودا وعَدَمًا . 
والقاعدة عند أهل العِلْم : الْمُؤذي طَبعا يُقتَل شَرْعًا . 

ولذلك قال الإمام مالك : وكل شيء لا يَعْدو من السباع ، مثل الهر والثعلب والضبع وما أشبهها ، فلا يقتله الْمُحْرِم ، وإن قتله وَدَاه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن في قتل السباع ، وإنما أذن في قتل الكلب العقور . قال : وصغار الذئاب لا أرى أن يقتلها الْمُحْرِم ، فإن قتلها فَدَاها ، وهي مثل فراخ الغربان أيذهب يصيدها ؟!
قال الخطابي : وإنما أباح قتلهن دَفعا لعاديتهن ؛ لأنهن كلهن مِن بَين عادٍ قتّال ، أو مؤذ ضرار . 
وقال ابن بطال : فإذا أباح عليه السلام قتل الكلب العقور لخوف عقره وضرره ، فالسبع الذي يفترس ويقتل أعظم وأولى ؛ لأنه لا يجوز أن يمنع من قتله مع إباحة قتل ما هو دونه . اهـ . 

قال ابن المنذر : أجمع كل من يُحفظ عنه من أهل العلم على أن السبع إذا بَدأ الْمُحْرِم فقتله لا شيء عليه . قال ابن قدامة : ويُحتمل أنه أراد ما كان طبعة الأذى والعدوان وإن لم يوجد منه أذى في الحال .

وقال الْخِرقي : وله أن يقتل الحدأة والغراب والعقرب والفأرة والكلب العقور ، وكل ما عدا عليه أو آذاه ، ولا فِداء عليه . 
قال ابن قدامة : هذا قول أكثر أهل العلم . 

وقال أيضا : يُباح لك ما فيه أذى للناس في أنفسهم أو في أموالهم مثل سباع البهائم كلها المحرَّم أكلها ، وجوارح الطير كالبازي والعقاب والصقر والشاهين ونحوها ، والحشرات المؤذية والزنبور والبقّ والبعوض والبراغيث والذباب ، وبهذا قال الشافعي ، وقال أصحاب الرأي : يقتل ما جاء في الخبر والذئب قياسًا عليه .
واختار ابن قدامة " أن الخبر نَصّ من كل جنس على صورة من أدناه تنبيهًا على ما هو أعلى منها ودلالة على ما كان في معناها ، فَنَصّه على الحدأة والغراب تنبيه على البازي ونحوه ، وعلى الفأرة تنبيه على الحشرات ، وعلى العقرب تنبيه على الْحَيَّات ، وعلى الكلب العقور َتنبيه على السِّباع التي هي أعلى منه ، ولأن ما لا يُضمن بمثله ولا بِقيمته لا يُضمن كالحشرات . اهـ . 

وقال النووي : وَاتَّفَقَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز قَتْلهنَّ فِي الْحِلّ وَالْحَرَم وَالإِحْرَام ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوز لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُل مَا فِي مَعْنَاهُنَّ . اهـ . 

6= قوله : " كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ " مِن الفِسْق اللغوي ، وهو الخروج . 
قال الخطابي : أصل الفسق الخروج من الشيء ، ومنه قوله تعالى : (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) أي : خَرَج . وسُمِّي الرجل فاسقا لانْسِلاخِه من الخير . ورَجّح أن الْمُراد بالفسق هو الخروج من الحرمة . 
وقال القاضي عياض : أصل الفسق الخروج عن الشيء ، ومنه سُمِّي هؤلاء فواسق لخروجهم عن الانتفاع بهم ، أو السلامة منهم إلى الإضرار والأذى . 
وقال ابن بطال : سَمّاهن فواسق لفسقهن وخروجهن لِمَا عليه سائر الحيوان ، لِمَا فيهن من الضرر . اهـ . 

7= قوله : " يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ " ، تقدّم أن في بعض روايات الصحيح : " في الْحِلّ والْحَرَم " ، والتنصيص على الْحَرَم يدل بِدلالة الأوْلَى أن يُقتَلْن في الْحِلّ ؛ لأن الْحَرَم أعظم حُرمة ، فإذا جاز قتلها في الْحَرَم فقَتْلُها في الْحِلّ أوْلى . 

8= لم يأت في حديث عائشة على أنه يَقتلهن الْمُحْرِم ، وإنما جاء فيه النصّ على أنهن يُقتَلْن في الْحَرَم ، وقد جاء صَريحا في حديث ابن عمر ، فقد رواه مسلم من طريق سالم عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خمس لا جناح على مَن قَتلهن في الحرم والإحرام : الفارة والعقرب والغراب والحدأة والكلب العقور . 
وفي رواية له : خمس مَن قتلهن وهو حَرام فلا جناح عليه ...
فقوله : وهو حرام : يعني وهو مُحرِم . ففي رواية للبخاري : خمس من الدواب مَن قَتلهن وهو مُحْرِم فلا جناح عليه ... 

قوله : " الْغُرَابُ " في رواية لمسلم : والغراب الأبقع . 
قال القاضي عياض : وقوله : " الغراب الأبقع " كل ما فيه بياض وسواد فهو أبقع ، وأصله لون يخالف بعضه بعضا . اهـ . 
وفي الْمُحْكَم : وغراب أبْقَع : في صَدره بياض ... وغراب أبقع : يُخالط سَواده بياض ، وهو أخبثها ، وبه يُضْرب المثل لكل خبيث .
قال ابن قدامة : والمراد بالغراب : الأبقع وغراب البين . 
وقال ابن قدامة عن هذه الرواية : وهذا يُقيد المطلق في الحديث الآخر ، ولا يمكن حَمْله على العموم ، بدليل أن المباح من الغربان لا يَحِلّ قَتْله . 
وقال العيني : الروايات الْمُطْلَقة محمولة على هذه الرواية الْمُقَيَّدة التي رواها مسلم ، وذلك لأن الغراب إنما أُبيح قتله لكونه يبتدئ بالأذى ، ولا يبتدئ بالأذى إلا الغراب الأبقع ، وأما الغراب غير الأبقع فلا يبتدئ بالأذى ، فلا يباح قتله ، كالعقعقق وغراب الزرع ، ويقال له الزاغ ، وأفتوا بجواز أكله ، فَبَقِي ما عداه من الغربان مُلْتَحِقًا بالأبقع . اهـ . 

وفي معنى " الأبقع " الغراب الأسود الكبير . 
وفي " المجموع وتكملته " : ويَحْرم الغُراب الأسود الكبير ؛ لأنه مُستخبث يأكل الجيف ، فهو كالأبقع . 

وفي رواية لأحمد وأبي داود وابن ماجه : " ويَرمي الغراب ولا يَقتله " . قال الألباني : وقوله : " يرمي الغراب و لا يقتله " مُنْكَر . اهـ . والحديث المْنَكر من أقسام الحديث الضعيف . 

9= الحِدَأَةُ : - كما قال المصنف رحمه الله - : بكسر الحاء وفتح الدالِ مَهْموز .
وتقدّم في بعض الروايات تسميتها : الْحُديّا . وفي حديث آخر جاء تسميتها بـ " الْحُدَيَّاة "

وهي تنقضّ من السماء وتلتقط الطيور والأشياء الحمراء تحسبها لَحْمًا !
وفي حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنْ الْعَرَبِ فَأَعْتَقُوهَا ، فَكَانَتْ مَعَهُمْ ، قَالَتْ : فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ ، قَالَتْ : فَوَضَعَتْهُ أَوْ وَقَعَ مِنْهَا ، فَمَرَّتْ بِهِ حُدَيَّاة وَهُوَ مُلْقًى فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطِفَتْهُ ! رواه البخاري . 

10= قوله : " وَالْعَقْرَبُ " تقدّم أن في بعض الروايات جاء ذِكر الحيات ، وتقدّم قول ابن قدامة : وعلى العقرب تنبيه على الْحَيَّات .. 

11= قوله : " وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ " 
قال الإمام مالك : الكلب العقور : ما عَقَر الناس وعدا عليهم ، مثل الأسد والنمر والفهد والذئب .
وقال الإمام أحمد بن حنبل : تَقْتُل كل ما عَدا عليك وعقرك وآذاك ، ولا فدية عليك . 

وتقدّم أن العلماء ألْحَقُوا به كل ما في حُكمه ومعناه . 
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُرَاد بِالْكَلْبِ الْعَقُور ؛ فَقِيلَ : هُوَ الْكَلْب الْمَعْرُوف . وَقِيلَ : كُلّ مَا يَفْتَرِس ؛ لأَنَّ كُلّ مُفْتَرِس مِنْ السِّبَاع يُسَمَّى كَلْبًا عَقُورًا فِي اللُّغَة . قاله النووي . 
والله أعلم .
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/omdah/219.htm :المصدر